رابعاً: حقوق الإنسان والعولمة:
لقد أثبتت الحروب الطاحنة التي نشبت في العصر الحديث - وخاصة في القرن
الميلادي العشرين - أن إهمال حقوق الإنسان وإهدارها قد أفضى إلى أعمال
همجية ووحشية انتهكت حياة ملايين الناس وحريتهم، وكان ذلك من الأسباب التي
دعت إلى إصدار ميثاق عالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م، وهو ما أشارت إليه
ديباجة الميثاق، ومن أهم ما أفرزته "العولمة" في السنوات الأخيرة زيادة
الاهتمام بقضية حقوق الإنسان، وخروج هذه القضية من الدائرة الوطنية
والداخلية في دول العالم إلى الآفاق الدولية واعتبارها مسألة تهم المجتمع
الدولي، ويستطيع أن يتخذ فيها عن طريق منظمة الأمم المتحدة أو الوكالات
المتخصصة فيها إجراءات معينة لمراقبة الدول التي ينتشر فيها إهمال أو إهدار
لحقوق الإنسان.
إن مفردات حقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو
التي وردت في اتفاقيتي الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية الصادرتين سنة
1966م عن منظمة الأمم المتحدة، هي حقوق قديمة في
الإسلام اكتسبت مصطلحاً
جديداً في المواثيق الدولية المعاصرة.
إن الحقوق الاقتصادية التي أتاحتها الاتفاقيتان الصادرتان سنة 1966م (وقد
عمل بهما اعتباراً من سنة 1977م) تقع غالب مفرداتهما ضمن الحقوق التي منحها
الله للفرد في المجتمع المسلم، الذي يتكون وفق الولاية المتبادلة بين
أفراده من الرجال والنساء: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض (التوبة،
71) ومن بين معاني الولاية النصرة والتعاون وتبادل الرأي والنصيحة، وهناك
مبدأ عام في
الإسلام يجعل التكافل الاجتماعي سمة ظاهرة فيه فيكون القادر
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات السفير المجد التعليمية http://www.essafirelmejid.com/vb/showthread.php?t=1174
مادياً أو علمياً مسؤولاً عن مساعدة غير القادر لسبب لا دخل له فيه.
في شأن المال تأتي فريضة الزكاة التي تجب على أغنياء المجتمع (وفق ضوابط مفصلة ودقيقة مبسوطة في كتب الفقه) لفقراء المجتمع.
لقد أمر الله تعالى بالزكاة وهي جزء يسير (2.5%) من بعض أنواع المال، يؤخذ
من الأغنياء في المجتمع ويرد على الفقراء والمساكين فيه، كما يجري إنفاقه
في الأوجه التي تسدّ حاجة من حاجات المجتمع المسلم، يقول الله تعالى: إنما
الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب
والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل .
فهؤلاء ثمانية أصناف يمثلون في مجموعهم حالات الضعف والحاجة حين تدهم الفرد أو طائفة من الناس في المجتمع.
ويحفظ الشرع الإسلامي حدًا كافياً للمعيشة لكل صاحب رأس مال أو دخل يكفي
حاجاته طبقاً لنفقته ولظروفه، قبل أن يفرض عليه كفالة غيره، فما يؤخذ من
زكاة إنما يؤخذ من الفائض الذي مضت عليه سنة كاملة دون أن يدخل في نفقات
صاحبه، وذلك على النصاب الذي عينه الشرع حتى يجب أخذ الزكاة من المكلف بها.
لقد حول
الإسلام بتشريع الزكاة على هذا النحو اتجاه المال من أغنياء
المجتمع، إلى سداد حاجات الفئات المحتاجة بجميع أنواعها، وقد كان ذلك
تحولاً كبيراً عما كان سائداً في المجتمعات قبل
الإسلام من اتجاه المال من
الفقراء إلى السادة في المجتمع، قال تعالى: كي لا يكون دولة بين الأغنياء
منكم (الحشر، 7).
فالإسلام يمنع أن يزداد الأغنياء غنىً -وقد يكونون قلة في المجتمع–، ويزداد الفقراء -وقد يكونون كثرة في المجتمع- فقراً وبؤساً.
وضمان حق العمل مكفول للفرد المسلم القادر عليه، لأن
الإسلام ينهى عن
البطالة، ويرفع من شأن العمل وxxxxxxxxxxxxب منه حلالاً طيباً، والفرد
المسلم يعمل تحت رقابة المجتمع كله، قال تعالى: وقل اعملوا فسيرى الله
عملكم ورسوله والمؤمنون (التوبة،105) ويعاون المجتمع الفرد على إيجاد العمل
المناسب إذا تعسر ذلك على الفرد أو ضاقت سبله. وقد نصح الرسول صلى الله
عليه وسلم شخصاً بالاحتطاب، ونصح شخصاً آخر بالاتجار وأسلفه مالاً لكي يبدأ
**ب رزقه، وأعد بيده الشريفة آلة العمل لشخص شكا إليه قلة xxxxxxxxxxxxب.
وفي أحاديث الرسول صلوات الله عليه وسلامه من العناية والرعاية بالعمل
والعامل ما يعد الأساس الشرعي لكافة ما يعطى للعمل والعامل من ميزات بحكم
القوانين المعاصرة.
إن العمل لاكتساب الرزق والنفقة على الأهل يكفر الذنوب، كما جاء في الحديث
الشريف: «من بات كالاً من عمل يده بات مغفور الذنب» والوصية بالعامل من
الهدي النبوي: «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
وما ورد في الاتفاقيتين اللتين أصدرتهما الأمم المتحدة سنة 1966م بشأن
الحقوق الاجتماعية والمدنية والسياسية هو القليل مما دعا إليه الإسلام.
إن أول ما نزل من القرآن الكريم يفتح أمام المسلم آفاق العلم والتفكير
والوصول إلى الحق يقول تعالى: اقرأ باسم ربك الذي خلق (العلق، 1) وللعلم
شأن كبير ومكانة عالية في
الإسلام ومن قرأ القرآن الكريم والحديث الشريف
عرف منزلة العلم في الإسلام، وعلو شأنه وحضه عليه، ومن ذلك: قول الله
تعالى: شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط
لا إله إلا هو العزيز الحكيم (آل عمران، 18).
وقوله سبحانه: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما
يتذكر أولوا الألباب (الرعد، 19) وقوله تعالى: وقل ربِ زدني علما (طه، 114)
وقوله: إنما يخشى الله من عباده العلماء (فاطر، 28) وقوله تعالى: " قل هل
يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب (الزمر، 9)
وقوله عزّ وجلّ: " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس
فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم
والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير (المجادلة، 11).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»
متفق عليه. وقال عليه الصلاة والسلام: "ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل
الله له به طريقاً إلى الجنة" رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل
ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت
منها طائفة
طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان
منها أجادب أمسكت الماء
فنفع الله بها الناس فشربوا
منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة
منها أخرى إنما
هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما
بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله
الذي أرسلت به" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من
الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس
رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا" متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم
قال عليه الصلاة والسلام: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى
النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" رواه الترمذي
وقال: حديث حسن، وقال صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها،
إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وقال عليه الصلاة والسلام: «من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له
طريقاً إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع،
وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء،
وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة
الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، وإنما ورثوا العمل
فمن أخذه أخذ بحظ وافر» رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان.
والمسلم مطالب ببذل النصح لغيره من أفراد المجتمع "الدين النصيحة" وعلى
المسلم أن يشارك في الحياة العامة بقدر ما يسمح به علمه وقدرته، فأمور
المسلمين في المجتمع شورى بينهم، يقول الله تعالى: وأمرهم شورى بينهم
(الشورى، 38) وهكذا تتكامل قدرات الأفراد في المجتمع المسلم وتتجمع
طاقاتهم، فيكفل الفرد للمجتمع طاقته وجهده بالعلم أو العمل، ويكفل المجتمع
للفرد - حين يصيبه العجز أو الضعف - الحق في حياة كريمة، وبذلك يتحقق
السلام الاجتماعي.
خامساً: الإرهاب بين
الإسلام والعولمة:
وفي السنوات الأخيرة ظهرت قضية الإرهاب، واستأثرت باهتمام المجتمعات
والحكومات، وتنبه العالم عن طريق منظماته السياسية والأمنية إلى مخاطر هذه
الظاهرة التي شملت كثيرًا من بلاد العالم، ولم يسلم من شرورها سوى مجتمعات
قليلة، ومع ذلك وبسبب ظروف سياسية وجهود إعلامية موجهة، حاولت بعض الجهات
أن تصل ما بين ظاهرة الإرهاب وما بين صحوة إسلامية بدأت في العقود الأخيرة
من هذا القرن الميلادي، ومن المحزن أن بلاداً إسلامية - أوقعتها ظروفها
السياسية تحت سيطرة الأجنبي أو سادتها الفتن والقلاقل بسبب العجز الاقتصادي
أو التخلف الثقافي أو الفتن الخارجية - تعاني وجود هذه الظاهرة مما ساعد
أعداء الأمة الإسلامية على الادعاء بأن الإرهاب له أصل ديني وأنه نتاج
الإحياء الإسلامي، مع أن الظاهرة ليست من
الإسلام ولا صلة لها بالدين
الصحيح، وليست خاصة بالمسلمين بل ربما كانت في بلادهم - مع خطئها وإدانتها
إسلامياً - أقل من وجودها وظهورها في المجتمعات غير الإسلامية، كما دلت على
ذلك إحصاءات دولية.
في
الإسلام ووفق أصوله ومبادئه الكلية يعتبر الأمن من أجل النعم على
الإنسان: أمن الفرد على نفسه ودينه وعرضه وماله، وانتفاء الخوف من العدوان
على ضروريات حياته وحاجياتها. وفي القرآن الكريم بيان أهمية الأمن وأنه
نعمة من الله تقرن بنعمة الطعام الذي يحفظ حياة الإنسان، وأن النعمتين معاً
تستوجبان عبادته وحده لا شريك له. يقول الله تبارك وتعالى: فليعبدوا رب
هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف (قريش، 3) ويحرم الله العدوان
على النفس الإنسانية، ويجعل القتل العمد من أشد الجرائم إثماً وبغياً،
ويبين أن قتل فرد واحد بمثابة قتل للجنس البشري كله، يقول تعالى: أنه من
قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً (المائدة،
32). ويحفظ الشرع الإسلامي حرمة الجسد الإنساني، فلا يجوز العدوان عليه ولا
إتلافه ولا استخدامه في غير ما شرع له، وهو العبادة والسعي في الأرض بعمل
الخير. ويحفظ الشرع الإسلامي نفس الإنسان وجسده ويكفل حماية عقله ودينه
وعرضه وماله بما فيه من عقوبات زاجرة عن العدوان على هذه الضروريات في حياة
الإنسان - جسداً وديناً وعقلاً ونفساً - في شريعة القصاص وفي الحدود التي
تواجه جرائم الاعتداء على الدين والنفس والعرض والمال والشرف والاعتبار.
فالإرهاب إذًا عدو الأمن -أمن الفرد وأمن المجتمع- وعدوان على نعمة من نعم
الله الجليلة على الإنسان، وهو إذا ظهر في مجتمع عطل طاقاته وأسلمه إلى
التخلف، لأن الخائف لا يأمن إذا عمل أن يضيع عمله هباءًا فالأمن لازم لتقدم
المجتمعالمسلم في دينه ودنياه.
لقد كانت الفتنة الكبرى في التاريخ الإسلامي بسبب الإرهاب، وأول المجتمعات
التي عانت من الإرهاب هو المجتمع المسلم بالذات، قتل ثاني الخلفاء الراشدين
عمر بن الخطاب غيلة وغدراً على يد مجوسي حاقد على
الإسلام والمسلمين، وقتل
الخليفة الثالث عثمان رضي الله عنه على يد فئة خرجت على الشرع الإسلامي
وانتهكت محارمه بقتل إمام المسلمين وصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأحد العشرة الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة، واقتتل
المسلمون مع الخوارج الذين ناصبوا الخليفة علي بن أبي طالب العداء على
الرغم من محاولته نصحهم وهدايتهم إلى الحق، وقتل هؤلاء الخوارج الإمام
علياً وأوغلوا في دماء المسلمين، فكانت الفتنة الكبرى التي بدأت في القرن
الأول الهجري ومازالت آثارها في العالم الإسلامي حتى اليوم، صنعها الخوارج
وغذاها أعداء
الإسلام والمسلمين خلال مسيرة التاريخ الإسلامي، حتى تفرقت
الأمة الواحدة إلى شيع وأحزاب كلهم على ضلال إلا الفرقة الناجية التي تسير
على ما كان عليه الرسول وأصحابه خيار السلف في هذه الأمة.
إن الإرهاب - وهو مرفوض في
الإسلام رفضاً حاسماً - ينتسب من يمارسونه
أحياناً إلى الإسلام، بل يتظاهرون بالغيرة على الدين وعلى حقوق المسلمين،
وقد يتجاوزون الحد في اتهام المسلمين أفرادًا وجماعات بالمروق من الدين
ويستحلون دماءهم وأموالهم وأعراضهم، وهكذا فعل أجدادهم من الخوارج حين
اتهموا عليا رضي الله عنه بالخروج من الدين واستحلوا قتل إمام المسلمين بعد
أن بايعه الناس، وبذلك وجهوا إرهابهم إلى المسلمين كافة وإلى أئمتهم خاصة.
ولقد قاتلهم إمام المسلمين ليحفظ أمن المجتمع وحياة المسلمين حتى قضى على
فلولهم، وهذا واجب كل إمام مسلم، لا سيما في هذا العصر الذي ينسب فيه غير
المسلمين كل إرهاب وإخلال بأمن المجتمعات إلى فعل المسلمين أو توجيهات
الإسلام، مع أن الشرع الإسلامي وتوجيهاته هي أقوم السبل في مواجهة جرائم
الإرهاب.
لقد حفظ
الإسلام أمن المجتمع المسلم إزاء المجتمعات الأخرى، فلم يشرع
القتال إلا دفاعاً عن الدين والنفس وحفظ المجتمع من الفتنة، وأمر بطاعة
أولي الأمر أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (النساء، 59). ولا
يجوز في
الإسلام أن تخرج طائفة من الناس على أمن المجتمع وتهدد استقراره
أو تنزع يدها من بيعة توجب الطاعة، بل لقد أمر الرسول صلوات الله عليه
وسلامه بالطاعة حتى ولو ظهر في المجتمع ما يعد منكراً، ما دام يجري التصدي
له بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العلماء والأمراء، أو بإنكار عامة
الموضوع الأصلى من هنا: منتديات السفير المجد التعليمية http://www.essafirelmejid.com/vb/showthread.php?t=1174
الناس، وما دام المجتمع المسلم يتمتع بحقه في عبادة الله وحده، وتظهر فيه
شعائر الإسلام، ويوجد فيه الحاكم المسلم الذي يحفظ الدين ويحمي أرض الإسلام
ومصالح المسلمين، فلا خروج عن الطاعة من الفرد أو طائفة من الناس تروع
الآمنين وتنشر الخوف والفزع بين المؤمنين. لقد ذكر الله الخارجين عن
الطاعة، وجعلهم محاربين لله ورسوله، وحدد عقوبتهم بخسرانهم في دينهم
ودنياهم. يقول تعالى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض
فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من
الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (المائدة، 33).
وهكذا وضع
الإسلام الإرهاب في عداد أعظم الجرائم: محاربة الله ورسوله
والسعي في الأرض فساداً، وأوجب على ولي الأمر أن يتصدى له حفاظاً على الدين
وعلى حياة المسلمين، ولا حق لفرد أو جماعة أن تدعي على الأفراد أو على
المجتمع ولاية لا حق لها فيها ، وأن تكفر غيرها أو تقيم حدًا من حدود الله
مع وجود الولاية الشرعية للحاكم المسلم، فالإسلام يقيم مجتمعاً آمناً
مستقرًا بعيدًا عن كل ما يهدد الناس ويروعهم، ويصلح المجتمع إذا ظهر ما يعد
منكرًا من فرد أو طائفة من الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وبإقامة حدود الله على يد الحاكم المسلم، وطبقاً لحكم الشرع، ولا مجال في
الإسلام للخروج على المجتمع أو التسلط على الناس والإخلال بالأمن بحجة
الغيرة على الدين أو الرغبة في الإصلاح، وهو ما يدعيه الإرهاب في هذا
العصر، وأصحابه هم شر خلف لشر سلف في تاريخ الأمة الإسلامية