النبات
عالم قائم بذاته، ومازال العلماء يجتهدون في دراسته وفي كل يوم يقطعون في
كشف خصائصه أشواطاً شاسعة ... وقد قسم العلماء
النبات إلى عدة أقسام مختلفة
بالنسبة لصفاتها التشريحية، أو تناسلها، أو بيئتها .
و
ينبت
النبات عموماً من بذرة تتوافر لها ظروف خاصة، أهمها حيوية الأجنة
فيها، وتحافظ البذور على حيويتها لمدة طويلة تعتبر في ذاتها دليلاً على
وجود الله، فقد أمكن استنبات حبات قمح وجدت في قبور الفراعنة . ويجب توافر
الماء الضروري للإنبات والحرارة المناسبة، فكل بذرة تنبت في درجة حرارة
معينة، والهواء ضروري للنبات، هو كائن حي يعيش ويحيا ويتنفس بل ويحس ..
يحزن ويسعد .. فلقد أجريت تجارب على نباتات وضعت في مركبات فضاء... وبأجهزة
القياس ... أوضحت التسجيلات أن صدمات عصبية أصابت النباتات وبدا عليها
الاضطراب ... وما أن رجعت إلى الأرض حتى عاد إليها الاستقرار والهدوء .
و
إذا استنبتت البذرة وخرج الجنين الحي مكوناً جذيراً صغيراً بدأ يتغذى من
الغذاء المدخر في البذرة حتى يستطيل عوده، ويضرب في الأرض ليأكل منها، شأنه
في ذلك شأن الجنين في الإنسان والحيوان، يتغذى من أمه وهو في بطنها، ثم من
لبنها، ثم من لبنها، ثم يستقل عنها ويعتمد على نفسه في غذائه عندما يستوي
عوده، فهل غير
الله أودع في البذرة الحياة؟... وهل غير
الله وهب الجذر قوة
التعمق في الأرض وأخرج الساق وأنبت عليه الأوراق فالأزهار فالثمار ؟...
حياة معقدة دقيقة جليلة عاقلة رشيدة هدفها حفظ النوع ... وامتداد الحياة،
فسبحان الحي منبع الحياة .
جهاز
النبات الغذائي
الجذورتختلف
الجذور، وهي أول أجزاء
النبات الغذائي عن بعضها البعض اختلافاً بيناً
بالنسبة لحاجة النبات، فهناك الجذور الوتدية، والجذور الدرنية، وأخرى
ليفية، وغيرها هوائية، وجذور تنفسية، وكل هذه الأشكال لتتواءم مع امكان
حصول
النبات على حاجته من الغذاء . وأما التي لا يوجد لها جذور مناسبة
فيكون لها ممصات للتغذية، وما خلقت كل هذه إلا لتساعد على تغذية
النبات
وتهيئة حياته .
ويقول داروين إذا كان للنبات
عقل فلابد أن تكون جذوره إذ أنها تسعى وتجد في باطن الأرض متفادية العوائق
والصخور فإن لم تستطع أن تتفاداها أزاحتها عن طرقها وإلا صبت عليها
أحماضهاً لتذيبها .
و للجذور فائدة هامة غير ذلك
ألا وهي تثبيت
النبات إذ يقع عليه أمر قيام
النبات والاحتفاظ به ... فلا
يسقط أو يقع ... وعندما تنظر إلى هذه الأشجار الضخمة الكبيرة واقفة شامخة
.علينا أن نتذكر الجذر .. الذي يمسكها .
و
تنموا الجذور وعليها الشعيرات الجذرية التي تمتص المحاليل الأرضية بتأثير
الضغط الأسموزي فتنتقل العصارة إلى أعلى بعمليات معقدة يعجز عن تركيبها أي
معمل كيماوي مهما أوتي من أجهزة وتجهيزات ... يتغذى
النبات وينمو ....
ولابد لنموه من وجود الضوء والماء والكربون والأكسجين، والأيدروجين
والأزوت، والفوسفور والكبريت، والبوتاسيوم، والمغنسيوم والحديد .
و
من العجيب أن كافة نباتات العالم تتغذى بهذه العناصر، ومع ذلك ينبت في
الأرض التفاح الحلو، والحنظل المر ،و القطن الناعم، والصبار الشائك، والقمح
والشعير، والبرتقال والليمون ... عناصر واحدة، وماء واحد، وبذور تناهت في
الصغر تخرج منها آلاف الأنواع، وعديد الأشكال، ومختلف الروائح والمذاق ...
!!! إن في ذلك لآية لأولي الألباب .
تبخير الماء ( النتح)
و
تتجلى قدرة الخالق في عملية النتح، والنتح عبارة عن تبخر الماء من
النبات
عن طريق الأوراق، الأمر الذي يساعد على صعود العصارة من الأرض خلال الجذور .
و ينبغي ألا يستهان بتلك العملية فشجرة واحدة
قد تنتج في اليوم العادي ما يقرب من خمسمائة لتر من الماء، وإذا ارتفعت
درجة الحرارة وجف الجو، واشتدت قوة الرياح زاد النتح عن ذلك ... ويعزى إليه
تلطيف الجو في المناطق المعتدلة، وسقوط الأمطار في المناطق الاستوائية ذات
الغابات الغزيرة بالأشجار الضخمة .
و تتم عملية
النتح بواسطة ثغور موجودة على الورقة، ومن عجائب
آيات الخالق في هذه
العملية، أن نرى اختلاف عدد الثغور في نبات عن نبات بما يلائم بيئته، فعدد
ثغور
النبات الصحراوية أقل من نباتات الحقل مما يقلل النتح في الأولى عن
الثانيةو الجهاز الثغري نفسه آية من
آيات
الله، إذ يتكون من خليتين حارستين بينهما ثغر، وهذه الخلايا الحارسة تحرس
الثغر فتنظم عملية فتحه وإغلاقه تبعاً لحاجة النبات، فإذا ازداد تركيز
السائل في الخلايا الحارسة سحبت الماء من الخلايا المجاورة، وتتملىء حتى
تأخذ شكلاً كروياً، وبذلك ينفتح الثغر، فتتبخر المياه، ويمتص الجذور الماء
من التربة، أما إذا كانت عصارة الخلايا الحارسة غير مركزة، فتكون متدللة
الجوانب، متماسة الجدار بذلك الثغر . وينتج رطل خمسمائة رطل من المار أثناء
حياته فأنظر إلى هذه العملية الداخلية الخفية، كيف تتم بإتقان ونظام، وكيف تعمل أجهزتها بكيفية تنطق بالقدرة والكمال !!.